ظلام "الكوبوي" الأمريكي ونور طلاب الجامعات

38serv

+ -

كل يوم يمر على العدوان الصهيوني على غزة الذي دخل شهره الثامن وكل مرحلة من هذه الحرب إلا وتكشفت الكثير من الحقائق وتؤكد صدقية الكثير من الأحكام والخلاصات التي لم تكن ظاهرة ولم تصلها نور شمس الحقيقة كما عليه الوضع اليوم، إذ ظهر زيف شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي طالما رفعتها الدول الغربية، وتيقن العالم الحر أكثر فأكثر بأن المنظومة الدولية على شكلها الحالي مبنية على خدمة مصالح الدول الاستعمارية المتعطشة لنهب الثروات وسفك المزيد من الدماء.

هذه الحقائق انكشفت بفضل طوفان الأقصى وما تلاه من عدوان صهيوني بربري على قطاع غزة الذي وجد كل الدعم الدبلوماسي والعسكري والإعلامي والحصانة القانونية من طرف الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، فالأخيرة لم تساند الجلاد على حساب الضحية فقط، لكنها أظهرت وفاءها لعقيدتها الاستعمارية وفكر "الكوبوي" الذي لطالما ميز وطبع سلوك الحاكم الأمريكي، وهنا من الواجب التنويه إلى وجود فرق كبير بين الحاكم الأمريكي وبين الشعب الأمريكي لأنهما يختلفان كثيرا لعدة اعتبارات.

"الكوبوي الأمريكي" لا يمر يوم إلا ويكشف عن عنجهيته وتمرده وكفره بكل ما هو قانون ومواثيق، ولم يكن غريبا عنه أن يهدد 12 سيناتورا أمريكيا من النافذين في مجلس الشيوخ المدعي العام للجنائية الدولية بتسليط عقوبات عليه وعلى فريقه وحتى على أفراد عائلته إن هو "تجرأ" وأصدر أمرا دوليا بتوقيف رئيس وزراء دولة الاحتلال والعديد من المسؤولين الصهاينة المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة في غزة، واستخدموا في رسالتهم الموقعة إلى المدعي العام لغة عنيفة فيها الكثير من الاستعلاء وأقرب إلى لغة رؤساء عصابة منها إلى مشرعين.

ما قام به أعضاء الكونغرس لا يختلف عن الأسلوب الذي تتبعه جماعات المافيا ولا يمت بصلة لمشرعين قانونيين في مستوى نواب في مجلس الشيوخ، في حقيقة الأمر قراراتهم التي يشرعونها لها تأثير ليس على الداخل الأمريكي فقط ولكن على المستوى الدولي، وعليه من المعيب أن يصل مستوى تصرفاتهم إلى هذا الدرك، الذي يتعارض في الجوهر مع القيم والمثل التي شيد على أساسها الآباء المؤسسون الولايات المتحدة الأمريكية.

حكام الولايات المتحدة لا يختلفون في تصرفاتهم وقراراتهم عن أي منظمة مافيا أو مجموعة متطرفة تستخدم كل الوسائل بما فيها القتل والإبادة لتحقيق مصالحها والدفاع عن أفرادها، وهو ما تفعله اليوم مع "ثكنتها" المتقدمة "إسرائيل"، فلم تجد حرجا في أن تفشل مشروع قرار بمجلس الأمن يمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، الذي يعتبر الأساس الذي بنت عليها واشنطن "وهم" حل الدولتين وروجت له على مدار عقود.

وأكثر من ذلك تقوم اليوم بممارسة كل الضغوط الممكنة من أجل إجهاض منح العضوية لفلسطين على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ينتظر التصويت على مشروع القرار يوم غد الجمعة. ولم يجد "الكوبوي" الأمريكي حرجا في أن يهدد بوقف تمويل الأمم المتحدة في حال تم التصويت دون موافقة واشنطن على مشروع القرار، ومعلوم أن الأخيرة تقدم مساهمة بـ25 بالمائة من موازنة المؤسسة التي تبلغ 13 مليار دولار.

لكن من المهم التفريق بين صانع القرار الأمريكي والمواطن الأمريكي كما سبق وذكرنا، لأن هناك بونا شاسعا بينهما، لأن المواطن الأمريكي ليس بايدن ولا بلينكن ولا ترامب ولا أوباما ولا "البوشان" الأب والابن ولا كلينتون وزوجته ولا كندوليزا رايس ولا ديك تشيني.. المواطن الأمريكي لا يختلف في قيمه وحبه للخير والسلام وإحقاق الحق عن طلبة جامعات كولومبيا وييل وجورج تاون وجنوب فلوريدا والملايين الذين خرجوا في شوارع الولايات المتحدة للتنديد بالحرب الصهيونية الإجرامية على الفلسطينيين وبالموقف الرسمي الأمريكي المخزي. نقطة الضوء التي بزغت في سماء الولايات المتحدة المظلمة بسبب ممارسات حكامها المتطرفين أن هذا الجيل الجديد من طلبة الجامعات الذي كشف عن معدنه من خلال مواقفه المتقدمة في نصرة المظلوم وتحدي "الاستبليشمنت" رغم كل الضغوط والمساومات، يبشر بغد مشرف ستعانقه الولايات المتحدة، لا يمت بصلة لأجيال "الكوبوي" التي دمرت كل مكان وطأته أقدامهم

 

كلمات دلالية: